Advertisement

Main Ad

عندما تصبح الزراعة شغفا

 

photo by the author ruqaya alnajafi


حينما أطلق العم عبدالجواد مشروعه في مزرعته الخاصة القائمة على مبدأ "الطبخ الذاتي" منذ قرابة السنة والنصف , لم يتوقع الاقبال الذي وصل إليه الآن ، يأتي السياح من بلدان عدة للاستمتاع بالتجربة والحصول على المناخ الدافئ  

"السائح لا يبقى لعدم وجود خدمة"

في غور الصافي جنوب غرب الاردن يقطن العم عبدالجواد بعيداً عن ضوضاء المدينة ، وسط مزارع خضراء تسر الناظرين بجمال خضرتها وبساطة المقيمين فيها ، يعمل العم منذ صغره في هذه الأرض الزراعية التي تبلغ مساحتها 30 دونما ، ورثها من والده واتخذ من الزراعة مهنة ووظيفة شغف بها 

يزرع العم أنواع متعددة من الخضار الموسمية ويبيعها في السوق المحلية ، وبسبب قلة إيرادات الدخل وتدهور أسعار السوق بدأ فكرته مستلهماً من مشروع صغير رآه في البترا جعله يتجه إلى إبتكار مشروع ريادي يدمج بين السياحة والزراعة 

استغرق منا الوصول الى المزرعة القليل من الوقت، كان العم عبدالجواد مستعداً في استقبالنا وسط مزرعة صغيرة الحجم لطيفة المنظر ، حاملا ابتسامة عريضة على وجهه طالبا منا الجلوس لاحتساء الشاي، ليصحبنا لاحقا في جولة حول المزرعة

ربما يكون اول ما تلاحظه عند زيارتك الى هنا هو الطقس الجميل، عالرغم من ان الزيارة كانت في فصل الشتاء، لكن الطقس هنا دافئ ومشمس، مصحوبا بهدوء وسكينة في المكان

يقول العم عبد الجواد صاحب المزرعة ان هدوء المكان احد الاسباب التي دفعت الناس الى القدوم الى هنا "أصبح كل من يأتيه ضيف في البلد يجلبه لدي في سبيل الابتعاد عن ضوضاء المدينة"


البداية

لم تكن البداية سهلة بالنسبة له، كما هو الحال في كل قرية، يجب ان يكون كل شيء ضمن التقاليد والروتين المتبع ، ولكن من اجل مواصلة العمل الزراعي، كان بحاجة الى ابتكار ما هو غير معتاد

متحدثاً عن الاسباب التي دفعته في اختيار مشروع كهذ "لدينا في الغور الكثير من الأشياء الجميلة ،لدينا طبيعة وآثار ولكن المشكلة في الغور مايسميه "الهوم ستاي" (الطبخ الشعبي الذاتي ) لا يوجد ، ويكمل في العادة السائح لا يبقى لعدم وجود خدمة "

ويؤكد ان من يمتلك أرضا ورأسمال يتيح له فتح هكذا مشروع فلماذا لا يفعل " شيء يعود لي بالنفع وللمكان والقادمين كذلك"

استلزم شغف العم في مشروعه اشراك عائلته معه لضمان جو عائلي جميل يتخلله بعض المحادثات والقليل من المزاح الذي يساعد في إنجاز العمل

إذ يبين سبب حرصه على وجود العائلة قائلا " احب الجو العائلي وليشعر السائح القادم الينا بالالفة وكي لا يشعر الفرد كأنه جاء الى المطعم ليأكل ويذهب بالعكس الجو موفر له كي يتصرف براحته ويأخذ متنفس في الطبيعة وهذه فكرة المشروع" 

وفر العم غرفتين احدهما داخلية والاخرى خارجية في الهواء الطلق، لتوفير مساحة كافية للقادمين ، حيث يقومون كل شيء بأنفسهم فبعد جني الخضار الطازجة من المزرعة يقسمون الى مجاميع ، كل مجموعة تقوم بطبخ اكل شعبي مختلف ، الى جانب ذلك وفر دراجات هوائية لمن يحب ركوبها والتمتع بالهواء الطلق في الجوار

و يروج العم مشروعه من خلال ورشات عمل تعريفية اقامها في الغور وخارجه حيث لاقت اقبالا واسعا من السكان المحليين والاجانب واتخذتها بعض المدارس وجهة لرحلاتم المدرسية، ويبن العم " باتت المدارس تجلب طلبتهم وأولياء أمورهم ليشموا هوا ويشاركوا في نشاطات معاً وأصبح المكان معروفاً كذلك في المنطقة وقدمت كذلك وفود أجنبية أحبت الفكرة "

عرض عبدالجواد فكرته الى عدة الجهات ولكنها لم تلقى ترحيباً، حتى تنبنتها لاحقا الوكالة الامريكية للتنمية الدولية (usaid)حيث ساعدته في التسويق ، وتصميم صفحة خاصة به ، الذي ادى الى انتشار مشروعه بسرعة في الاوساط ، واسترعى اهتمام كلاً من السفير الايطالي والمكسيكي ليزورا المكان ويبديان اهتمامهما به


فائدة للمجتمع

بفكرته البسيطة وبسبب حبه للأرض وتقديره لأهميتها استطاع نفع سكان القرية ، موفراً فرص عمل للكثير من سكان القرية إلى جانب توظيف النساء في العمل، عمد الى توظيف الشباب العاطل عن العمل موفراً لهم دخلاً لابأس به للنهوض بأنفسهم 

ويتحدث العم مبتسماً عن عمل الشباب " إن الشاب يشعر بقيمته حتى وإن كان شخصا سيئا سيصبح شخص سوي ويرى نفسه قد أنجز و بسبب تعامله اليومي مع الأفراد سيرى أنه يجب أن يتطور لكي يعمل جيداً" 

واضافة الى ذلك عقد العم اتفاقا بينه وبين مزارعي الاراضي التي من حوله على شراء الخضار والفواكه التي لا تتوفر في المزرعة، وبذلك وفر اشبه بسوق محلي يستورد البضائع بأسعار معقولة

ويأمل في تطوير مشروعه بشكل اكبر من خلال انشاء نزل بيئي لقضاء الناس وقتا اطول في المكان وبين احضان الطبيعة "لان يوم واحد في الغور لا يكفي " على حد قول


photo by the author

photo by the author



الزراعة اليوم

تنهد العم بعد ذكر ما آلت اليه الزراعة وأحوال المزارعين قائلا إن "الموسم بالنسبة للمزارعين دائما رديء منذ عشرة سنوات سابقة والآن في تزايد ولكن المزارع ليس له حل آخر سوى أن يزرع"

ويضيف "كان والدي هو المهتم في الأرض دائما خسران بسبب السوق وهذا الذي دفعني إلى التوجه بفكرة جديدة "

يستثمر العم مزرعته حالياً لأجل المشروع وما يزيد عن الحاجة يبيعه في السوق المحلية ، وجد في هذا العمل فائدة لنفسه ولعائلته في الحفاظ على مزرعته من التدهور 

وبالنسبة الى أحوالهم الآن بعد افتتاح المشروع يقول" أصبح لدينا دخل وأفضل من السوق بكثير"

ويزرع عبدالجواد زراعة غير عضوية بسبب الغلاء الكبير والاجراءات الطويلة التي ترافق الزراعة العضوية

مضيفا ان " استخدام الأسمدة العضوية غير العضوية تعلمين ان الهدف يكون ربحي احيانا ولا يوفر معنا العضوي

و يواجه المزارعون في المواسم في زيادة على العرض وقلة على الطلب ومشكلة في التسويق

ويذكر أحد المتخصصين في الزراعة العراقية (طلب عدم ذكر اسمه) ان " هامش الربح بالنسبة للمزارع في موسم الربح ضع فيجب على الحكومة في موسم الانتاج ان تقلل الاستيراد مع حسابات حكومية تجريها بين وزارة الزراعة ووزارة التجارة بحيث لايضر بالمزارع ولا بالمواطن

وتشكل الصادرات الزراعية نحو 11% من مجموع صادرات المملكة، يذهب 92% منها إلى الأسواق العربية، خصوصاً الإمارات العربية المتحدة وقطر والكويت وسوريا.

وانتقد اقتصاديون وعاملون في القطاع الزراعي سياسات الحكومة في فرض الضرائب دون وجود حلول ودون وتوفر دعم حقيقي ينهض بواقع الاغوار

وتعتبر منطقة الأغوار الجنوبية من أخصب الأراضي الزراعية وأكثر مناطق الأردن حيوية و إنتاجا للمحاصيل الزراعية وتسمى ب (سلة خضار الأردن) بسبب اعتدال مناخها المساعد في الزراعة وخصوبة الأرض

حيث امتلكت الاغوار أهم الأسواق التصديرية التي كانت تستوعب ما يزيد على 90% من إنتاج الوادي

photo by Tim Mossholder from unsplash


شحة المياه

جُل المشاكل يعاني منها القطاع الزراعي وأهمها قلة مياه الري ويعتبر الأردن واحداً من أكثر الدول التي تعاني من شُحِّ المياه

اذ تروى المنطقة الزراعية في منطقة غور الصافي بأكملها من عيون متفجرة من الجبال ، وظفت من قبل الحكومة في بناء مجرى مائي ومصب يروي الأراضي في مناطق الزراعية للغور معتمدة على الزراعة التنقيطية

ومع ذلك لا تكفي لسد حاجة الأراضي فيعمد المزارعون في الصيف من تقليل الزراعة بغرض التوفير ، ويعتبر نهر الاردن وحوض اليرموك من أهم مصادر المياه في الأردن

ويسرق الاحتلال الاسرائيلي من خلال نهر اصطناعي من خلال انابيب عملاقة من طبريا إلى النقب طولها مترين ، كما انه يقوم بتلويث مجرى مياه نهر الأردن بمخلفات مزارع الأسماك والأسمدة

ويتقاسم الأردن مع الاحتلال إسرائيلي مياه بحيرة طبريا ونهري اليرموك والأردن، إضافة إلى آبار جوفية. وفقاً لاتفاقية "السلام" الموقعة عام 1994

ويقول خبراء ان كل المياه الجوفية تتم سرقتها ايضا و يتم بيع تلك المياه إلى الجانب الأردني بواقع 50 مليون متر مكعب سنويا وعلى مدى السنوات الأربع القادمة، وذلك خارج إطار اتفاقية السلام والكميات المنصوص عليها

ويصنف الأردن ثاني أفقر دولة في العالم بالمياه وفق المؤشر العالمي للمياه وتبلغ حاجة الأردن اليومية من المياه نحو 3 ملايين متر مكعب، وتشمل الاستخدامات المنزلية والزراعية والصناعية والسياحية وغيرها، وتبلغ حصة الفرد الأردني من المياه 90 مترا مكعبا سنويا، فيما يبلغ مستوى خط الفقر المائي دوليا نحو 500 متر مكعب للفرد سنويا


photo by the author





Post a Comment

0 Comments