Advertisement

Main Ad

كيف تحولت مجتمعاتنا الى مجتمعات مستهلكة

photo by Markus Spiske from Unsplash


لا يمكن انكار بأن النزعة الاستهلاكية التي يواجهها العالم اليوم بلغت اضعاف عن ما كانت عليه في الماضي ، اذ ينفق الشخص العادي منا مايقارب 314 دولارًا أمريكيًا 2023 شهريًا على المشتريات الاندفاعية وفقًا لدراسة من Slickdeals

حيث حققت مبيعات العطلات في المتوسط ​​زيادة بنسبة 4.9٪ خلال السنوات العشر الماضية ، حيث قدم الإنفاق في عام 2021 زيادة غير مسبوقة بنسبة 14.1٪ في المبيعات


و أثرت طريقة الاستهلاك هذه الى ميل الناس في شراء أشياء جديدة ورمي "القديم" حتى وان كان بالامكان إصلاحه، على سبيل المثال لدي جهاز ايفون 6، الخاص بي منذ ما يقرب من 6 سنوات ، وسعيدة به ، لكن كل شخص ألتقي يتسائل عن سبب اقتنائي لهذا الهاتف الى اليوم ولماذا لم اقم بتغييره


اذ على الارجح الكثير منا عالق اليوم في بعض عادات التسوق السيئة التي يصعب التخلص منها ، هنالك متعة خاصة تدفعك للتسوق كالإدمان الجيد ، من الألوان الى الأنماط المختلفة، والستايلات المتعددة، كل هذا يدفعك لشراء المزيد ، وأحيانًا يكون التسوق بمثابة راحة نفسية للهروب من مشكلة تواجهها ، واحيانا اخرى يكون من اجل الانتماء الاجتماعي والتأثر بما يقتنيه الاخرون ، بينما البعض الاخر يرى قيمته الاجتماعية على اساس ما يملك من أشياء جديدة باهظة الثمن في سبيل التباهي امام الاخرين ، متحولا إلى محاولة يائسة لإسترضاء الناس والحصول على القبول دون معرفة سبب ذلك احيانا 


لكن تكمن مشكلة هذا السلوك عندما يعمل النظام العالمي بالكامل بنفس الطريقة، اذ ساعدت النزعة الاستهلاكية على اقناع الناس بأن استعمالك لشيء ما لمدة اشهر أو ربما عام قد حل عليه الدهر و يجب استبداله بنسخ جديدة والتي ادت الى استهلاكنا للكثير من الأشياء لسنا بحاجة لها، و يصبح السؤال من ما هي مدى حاجتي للشراء الى متى اشتري ، وينتج عن ذلك امتلاء منازلنا بالعديد من الملابس والاشياء الفائضة عن حاجتنا باضعاف


وربما التفسير الأبرز لسلوكنا الإستهلاكي المفرط هذا يمكن ملاحظته بشكل يومي من كمية النفايات المتكدسة حول العالم اليوم، حيث ينتج عن الطلب المتزايد كميات هائلة من النفايات والملوثات البيئية التي لا تستطيع النظم البيئية للأرض تحملها.


photo by Vivianne Lemay from Unsplash



إذن ما الذي جعل العالم في السنوات الأخيرة مكرسًا ماله للإستهلاك؟


ببساطة الاعلانات 

كان مؤكدا بعد الثورة الصناعية التي حصلت في القرن التاسع عشر ان العالم مع موعد مع نظام عالمي جديد سيغير من المنحى الاقتصادي والطريقة التي يعمل بها العالم وعزز هذا هيمنة الدول على العالم بعد الحرب العالمية الثانية مما فسح المجال للتوسع وظهور شركات تيع منتجات معينى الى جانب ما يسمى بالشركات المتعددة الجنسيات ولكن لكي تنجح هذه الشركات تحتاج ان تأثر في سلوك المستهلك عن طريق حل واحد وهو الاعلان


قبل عدة سنوات اي قبل وصول معايير الحداثة للوطن العربي كان الواقع الشرائي مختلف تماما وأبسط بكثير عما هو عليه الآن , فالملابس مثلا كانت تتم خياطتها يدويا بانواع اشكال مختلفة , والسيارات كذلك توفرت الموديلات المختلفة القديمة والجديدة ولكن العالم اختلف وفرضت معايير جديدة لجعل المستهلك يستمر في عملية غير منتهية من الاستهلاك الشرائي


اذ درس النظام آراء الناس واهتماماتهم واتجاهاتهم الفكرية والسياسية في سبيل تيسيرها لبناء مجتمع استهلاكي بالدرجة الاولى عن طريق الحاجات البشرية والغرائز وجعل الثانويات أولويات ملحة وحاجة يجب اقتنائها 


فعمله الأساسي هو الوهم الخداع ، الذي يجعلك تظن بوضوحه و يغريك بمظهره والمزايا التي يدعي في تقديمها لك . ولكن ما لم يخبرك به هذا النظام أنه سيمحي جزء من حريتك ويضع أمامك خيارات متشابهة في جوهرها، في تحفيز الرغبات , فالاستهلاك هي غاياته العظمى و نفوقه هو إعلان موت النظام ، اذ يفرض لك ما تختاره ويؤثر ويغير في ثقافة التفكير المهيمن عليها النمط المربح بالنسبة للنظام 


ولسنوات درست الشركات بشكل مكثف حول كيفية الترويج للمنتج ، وأنماط المستهلك ، وفهم احتياجاتهم ، والتأثير على الجمهور وخلق احتياجات جديدة لا نهاية لها ، عن طريق التأثير على الرغبات العاطفية ، وكيفية الحفاظ على المنتج في دائرة مستمرة من الاستهلاك من خلال الاعلانات بحيث أصبح الاستهلاك هو هدفًا في حد ذاته , لاستمرار الشراء و ضمان زيادة أرباحها



في حين اظهرت دراسة للاكاديمية الوطنية للعلوم في الولايات المتحدة قدرة فيس بوك في التأثير على مزاج الأشخاص بطرق دقيقة يتم التنبؤ بها من خلال وضع كلمات معينة في المنشورات التي يرونها


و تأتي الولايات المتحدة كاكثر الدول تأثرا انفاقا في العالم الاب الروحي للدعاية والاعلان حيث بلغت أعلى دول العالم في الإنفاق الاستهلاكي ، ممتلكة على أكبر الأسواق الاستهلاكية في العالم ، اذ يمثل الإنفاق أكثر من ثلثي النشاط الاقتصادي


اذ هيمنت سلع السوق على الحياة الأمريكية على مدار المائة عام الماضية ، وأصبح البشر مستهلكين قبل الحرب العالمية الأولى بوقت طويل ، لكن الثقافة الاستهلاكية أصبحت شائعة في أمريكا في عشرينيات القرن الماضي ، مع فتح أسواق التقدم الصناعي والتكنولوجي وتنوع المنتجات ، ومن أمريكا إلى بلدان أدى العالم إلى انتشار ثقافة المستهلك اليوم



photo by Kevin Rajaram from Unsplash


في رأيي ، هناك عدة عوامل مرتبطة ببعضهما البعض يؤثران على الفرد الى جانب ما تنتجه الاعلانات من تأثير، كالعيش في بيئة محفزة للاستهلاك وربط مفهوم الثروة بالقدرة على الاستهلاك وليس مجرد امتلاك المال، يبحث الفرد باستمرار عن احتياجات مادية يرغبها وقد لا يتمكن من الوصول إليها.


العامل المساعد الآخر في هذه الزيادة هو وسائل التواصل الاجتماعي ، هناك ثلاثة مليارات شخص حول العالم يستخدمون مواقع التواصل الاجتماعي ، أي ما يعادل 40 في المائة من سكان العالم. اذ يقضي الشخص البالغ في تصفح مواقع التواصل والتفاعل معها في المتوسط ​​حوالي ساعتين يوميًا


اذ وصل عدد مستخدمي هذه المنصات إلى ما يقرب من نصف سكان كوكبنا (3.5 مليار شخص ، أي ما يعادل 45٪ من سكان الأرض) بمتوسط ​​3 ساعات يوميًا.


وساعد ظهور المؤثرين في الترويج لمزيد من الاستهلاك ، بسبب الصورة التي يعطيها هؤلاء عن حياتهم الباذخة المليئة بالمتعة والإثارة في السفر وشراء الملابس من شركات معروفة بشكل مستمر ، وفي اقتناء الأثاث والتحف المنزلية. 


وعزز ذلك انتشار التسوق عبر الإنترنت واستخدام بطاقات الائتمان سهلت عملية الشراء بضغطة زر واحدة ، وهذه السهولة والسرعة جعلتنا نتسوق دون أن نلاحظ ما ننفقه.


وتضاعفت عمليات الشراء عبر الإنترنت ، محققة نموًا غير مسبوق في التسوق عبر الإنترنت اثناء فترة الجائحة


اذ من المتوقع أن تنمو مبيعات السلع الاستهلاكية عبر الإنترنت بنسبة 163٪ بحلول عام 2023 عبر الأسواق الرئيسية ، وفقًا لتقرير جديد صادر عن منظمة الأبحاث IGD ، بالشراكة مع The Consumer Goods Forum.


لم يخطر ببالي يوما قبل دخولي مساق الصحافة الإعلام ،كيف يمكن لإعلان بسيط يمر امامنا في الشوارع العامة ان يؤثر على سلوكنا وعملية الشراء لدينا. وكيف يمكن لبضع ثوان من التصفح على مواقع التواصل أن تغرس فكرة في عقلك وتجعلنا نتخذ سلوكًا قد لا نكون على دراية تامة به.


فمن المهم اذا الانتباه لما نشاهده يوميا على مواقع التواصل وما الذي نغذي به انفسنا لانه من المؤكد سيدخل ضمن قناعاتنا واولويات اهتماماتنا قبلنا بها او لا



Post a Comment

0 Comments