Advertisement

Main Ad

كيف اختلفت العنصرية بين الدول

 


لا يخفى على أحد أن الأشهر القليلة الماضية في تركيا كانت مليئة بالخطابات العنصرية، من قبل العديد وتحديدا من يؤمن بما تؤمن به المعارضة، مما فتح باب الحديث مجدداً عن اوضاع اللاجئين في البلاد، وأعطى الضوء الأخضر للكثيرين أن يطلقوا شتى الألقاب المسيئة


ما أجج ارتفاع هكذا خطاب هو قرب الانتخابات التركية ورغبة الكثير في الشارع التركي من التخلص من حكم أردوغان وانتخاب المعارض العنصري كليجدار أوغلو


لكن الانتخابات التركية كنت جزءا من السبب حيث يعود السبب الأساسي من ازدياد الخطاب العنصري في إلى عوامل عدة، يطول شرحها ولكن اهمها هو الوضع الاقتصادي المتدني الذي تمر به تركيا حالياً، وعلى الرغم من ذلك تعتبر تركيا هي أفضل حالا من الدول المجاورة لها، في أوروبا مثلا يعزز الخطاب العنصري بشكل مخيف ضاربين عرض الحائط بكل الشعارات التي ينادون لها بشكل دوري كالحرية وحقوق الانسان والخ 


ولم يقف الأمر عند ذلك الحد فقط، في السنوات الاخيرة شهدنا مرحلة أعنف من العنصرية هي العنصرية العلنية في العديد من المساحات العامة مثل سوق العمل والتعليم والرعاية الصحية والإسكان، فضلا عن استخدام الحكومات خطاب مكافحة الإرهاب وحماية الأمن القومي لتبرير استخدام العنف واتخاذ الإجراءات والتدابير ضد العرب والأفارقة والتى تفتقر إلى معايير حقوق الإنسان بالمخالفة للقوانين الدولية، وعزز ذلك تسليط وسائل إعلامية كبرى الضوء على اللغة العنصرية و المنحازة


حيث أشار تقرير للشبكة الأوروبية ضد العنصرية أن 10 إلى 15% من سكان الاتحاد الأوروبي يعتنقون أيديولوجيات عنصرية.


وكشف استطلاع للرأى العام أجرته، عام 2020 وكالة الاتحاد الأوروبى للتسوق الأساسية، أن 92% من المسلمين فى أوروبا يعانون صوراً عدة من التمييز العنصري، وأن 53% واجهوا التفرقة العنصرية عند محاولات العثور على سكن بسبب أسمائهم، وأن 39% عانوا التمييز بسبب مظهرهم الخارجي عند سعيهم للحصول على عمل.


وفي الوقت الذي تجرم فيه قوانين الإعلان العالمي لحقوق الإنسان جميع هذه الأفعال ولكن على ما يبدو بقيت مجرد حبر على ورق 


ولكن ما سبب العنصرية ولماذا يرى الآخر في أنه أعلى شأنا من غيره؟


بداية يمكن القول بأن التمييز والعنصرية بشكلها البسيط موجودة بأشكال مختلفة في كل بلد على ظهر الأرض. وتظهر العنصرية مع أبناء جنسه كذلك، وتختلف أشكال العنصرية من مكان لآخر وفق أسباب تاريخية أو ثقافية أو دينية أو اقتصادية.


في أوروبا تعود العنصرية الى سنوات عديدة تخف وتصعد حسب الوضع الدولي ولكنها موجودة، لم تختفي، و بذلت أوروبا على مدى سنوات قصارى جهدها لتظهر دول الشرق وافريقيا أقل شأناً منها في تفوق الرجل الأبيض على بقية الاعراق الاخرى، مستكملة ذلك في حملات الاستعمار التي استمرت عقود طويلة 


إذ منذ بدايات الاستعمار الأوروبي تزامنا مع ضعف دول المشرق العربي بعد الحرب العالمية الأولى وبناء مستعمرات عديدة في الدول العربية وأفريقيا دأبت على سرقة ونهب ثروات الدول الهائلة وتهميش معالمه الحضارية والثقافية وارتكاب مجازر بشعة في حق الآلاف من الناس وجلبت الافارقة عبيداً، لاستبدال عرق الرجل الابيض بها 


ففي حلول نهاية القرن التاسع عشر ارتكبت بلجيكا احد ابشع المجازر في في الكونغو، بعد اكتشاف العالم المطاط كان طلب الدول الاوروبية لا ينضب، وبسبب الطلب المتزايد لم يستطع العمال في الكونغو تلبيتها بهذه السرعة، مما أجبر أهالي الكونغو للعمل تحت ظروف وحشية قاسية، أدت الى مجزرة لاحقا عدت فيما بعد أكثر الجرائم وحشية في تاريخ القرن العشرين، واعتبر ليوبولد الثاني احد اكثر الملوك اجراما في تاريخ أوروبا الاسود 


لا يذكر ليوبولد الثاني في المدرسة ولا نسمع عنه في وسائل الإعلام، ولا يمثل جزءا من الروايات عن القمع كالهولوكوست لكنه جزء من واقع أوروبا الاستعماري في الوطن العربي 


بعد الحرب العالميتين انتقل الى مرحلة جديدة وصنفت الدول "المنتصرة" العالم إلى دول متقدمة متحضرة ودول متخلفة متأخرة أو كما سميت ب دول "العالم الثالث" وبات كل من ينتمي إلى العالم المتحضر ويؤمن بما يؤمن به الاوروبي الابيض فهو ضمن المقبول وان كان ينتمي الى عرق الأبيض فهذا افضل وينظر لباقي الأعراق أما بنظرة دونية او نظرة تعاطف وشفقة


وبالرغم من اتجاهها نحو نظام ديمقراطي ليبرالي ولكن انتقالها إلى العالم الحديث لم ينهي تاريخها الأسود وبقي إيمانها بهذه الشعارات محدودا ضمن إطار معين لمجتمع معين وفكر معين، وخلق هذا التغيير الديمقراطي في مفهوم حرية عام وواسع يخدم مصالحها الفكرية والغريزية وكل ما دون ذلك هو إنسان عدو لهذه الشعارات


وكان واضحا بعد الحرب الاوكرانية -الروسية التي كشفت عن زيف الشعارات التى لطالما ينادون بها، و ظهرت بشكل واضح أثناء التغطية الإعلامية للحرب من قبل العديد من المراسلين والمحللين السياسيين في القنوات والصحف بريطانية، فى التعامل مع اللاجئين وإجراء مقارنات بينهم بحسب جنسياتهم و خلفياتهم العرقية والثقافية والقومية وتفضيل الأوكرانيين لأنهم “أوروبيون متحضرون وبيض”.


وما زالت تنتشر العنصرية بصورة مقلقة في أوروبا، من السياسة إلى الصحافة إلى الشارع متحولة من التفرقة بسبب الأعراق إلى الكراهية الدينية ، واذ كرس الغرب جهوده من اجل رسم صورة معينة عن الإسلام و تشويه صورة المسلمين ، مصدرا صورة نمطية واحدة عن العربي المسلم ، وبات مكررا أن يخرج عضو برلمان أو سياسي أو وزير يطالب بـ"تنظيف البلد من المسلمين"


حيث رصد استطلاع للرأي أجري عام 2018 أن “الخطاب العنصري في أوروبا انتقل من الأروقة السياسية إلى الشارع”. وأضاف أن “العنف المرتبط بالعرق والتمييز العنصري لأجهزة الشرطة يعد ظاهرة راسخة في العقلية الغربية إلى درجة يضطر معها المواطنون المنحدرون من أصول أفريقية إلى مواجهة التحيّز العنصري والتمييز في الوظائف والسكن”. 


اذاً مشكلة اي انسان عنصري هي مشكلة سيكولوجية نفسية في أساسها، يتغذى من تواجد الآخر للتقليل من شأنه والشعور بالرضا من ذاته، فشخص كهذا يحتاج إلى معالجة نفسية عاجلة 


وهذه المشكلة النفسية متواجدة بكثرة في جميع المجتمعات وتلاحظ بكثرة أثناء تباين طبقات المجتمع 


ما الذي لا يحاول فهمه الأخرون 


من الطبيعي كإنسان يعيش في الكرة الأرضية أن يحدث تبادل ثقافات وهجرات مختلفة وأن تكون هناك حركة مستمرة و إلا وجدنا عالم مختلف تماما عن ما نعيشه اليوم 


والادعاء بأن الشخص يجب أن ينتمي إلى منطقة جغرافية واحدة وقبيلة واحدة وثقافة واحدة ، أمر يستحيل حدوثه 


إذ سهّل عدم وجود حدود سياسية تحرك الإنسان، وسمحت هذه الحركات بتفاعل كبير بين الناس ، وخلق تبادل ثقافي وتأثير مجتمعي واسع من خلال الاختلاط مع الأعراق المختلفة ، مما كان له تأثير كبير في صعود وسقوط الحضارات على مدى العصور.


ربما حصل ضغط كبير من الهجرات على مناطق جغرافية معينة في السنوات الأخيرة بسبب الأوضاع الغير مستقرة في الدول والذي اثر بشكل كبير على الوضع الاقتصادي والاجتماعي في الدول مع ذلك لا يعطي الحق لأحد في استصغار اي إنسان 







 

Post a Comment

1 Comments