Advertisement

Main Ad

16 ليس طفلاً

 



تعج وسائل الإعلام العربية بإخبار دورية عن ⁧‫زواج القاصرات‬⁩ و تسمية من هم دون ال18 بالطفل وهذا خطأ متقصد احيانا وطبع لصق احياناً اخرى


من الصحف الاجنبية الى صحفنا العربية دون القيام بمراجعة المعاني وتعريفها بشكلها الصحيح, اذ لا يقارب الفتى او الفتاة في عمر ال15 وما فوقه مسمى طفلا او قاصرا، بل هو انسان متكامل بالغ عاقل، لا يعتمد على أحد للقيام بمهامه، على عكس الطفل 



ولكن من أين جاء المصطلح؟


كلمة طفل في الأساس تطلق على الانسان العاجز عن القيام بمهامه الاساسية معتمداً على والديه عتماداً كلياً او شبه كلي، ويعرف في المعجم العربي بأنه الإنسان منذ ولادته وحتى قبل دخوله مرحلة "المراهقة" او البلوغ, واما كلمة baby او child في الانكليزية لا يوجد مرادف لها في العربية يطابق الكلمة الإنجليزية تمامًا. 


اذ تدل الكلمة الإنجليزية (baby) على طفل في أوائل عمره ولكن لا تشمل الأطفال الأكبر سنًا


وفي اللغة العربية تختلف مسميات مراحل سن البلوغ العمرية حسب كل مرحلة اذ قسم العلماء في التراث الاسلامي سن الطفولة الى ثلاث مراحل زمنية، وتسمى المرحلة الاولى بالصبيانية من الميلاد والى عمر السابعة، ومن السابعة الى العاشرة تسمى بمرحلة التمييز ومن العاشرة الى حد الخامسة عشر سمي بالمراهقة, وهو تصنيف منطقي كون كل مرحلة عمرية مختلفة عن الاخرى 


لكن عزز المصطلح لاحقا بعد ان عرفت الامم المتحدة بأن كل من هو دون ال18 طفلا, وكما بينت اليونيسيف كذلك تعريفا في اتفاقية حقوق الطفل 


و استخدمت الصحف العربية المصطلح الانكليزي كما هو دون ترجمة صحيحة له، وتداولته باستمرار في عناوينها، ولم يقف عند الصحف العربية فقط ولكن شاع المصطلح في الشارع العربي كذلك


اذا ما المشكلة في استخدام هذا المصطلح؟


طفل خالي من المسؤوليات؟


تلقائيا تسمية الإنسان الذي يعبر سن ال10 بطفل يعبر عن الإنسان العاجز عن القيام بمهامه خالي من المسؤوليات والتكاليف، غير مهيأ للحياة فيما بعد، بسبب وضعه في قوقعة من الوهم حتى وصوله الى عمر يوافق عليه المجتمع والقوانين العامة ليرمى فجأة على حياة لم يعتادها، وكلما اعتبر الولد طفلا كلما تحمل مسؤوليات اقل عند بلوغه وثقلت عليه اعبائها


اذ يمر الإنسان منذ ولادته بمراحل عدة من النضج وكل مرحلة تحمل العديد من التغييرات والتعلم والنضج في التجارب والوعي , ولكن وضع الجميع في قالب محدد تحت قانون واحد يعني ذلك بكل بساطة أن الجميع بنفس العقلية من التفكير والوعي وهذا خطأ فادح يجب تداركه، لما فيه استهانة كبيرة بكينونته كإنسان 



ويقع جزء كبير من هذا الفهم على الاهل ، من الاعتيادي ان يرى اي ام واب اولادهم صغارا دوما في نظرهم وبسبب هذه الفكرة يصبح كل أمر يخص الفتى هو عمل على الأهل أن يقوموا به، و ينتقدونه عند بلوغه على لكسله وعدم تحمله المسؤوليات! 


ومن التناقض ايضا توقع الاهل من ابنهم المسلم تحمل تكاليف الاسلام الاساسية كالصلاة والصوم ويغضون الطرف عن تحميله مسؤوليات الحياة البسيطة ، والاصح ان يعامل كل مرحلة مع مرحلتها والبدء معه منذ نشأته بشكل مبسط كي يكون جاهزا لما هو قادم


ولكن يستمر الأبوين بتكرار اخطاء عدة تؤدي بالفتى او الفتاة الى الكسل كترار كلمة "هو طفل" ، "لا يزال طفلا"، تلقائيا سيتصرف هو على هذا الاساس كذلك


اذ يقول د.عبدلله الطارقي الباحث في اسلمة علم النفس ان المشكلة الحقيقة لايوجد مشروع تربوي حقيقي فنحن اعتبرنا ان مرحلة الطفولة مرحلة لعب فقط ولكن القضية بأن الإنسان الناشئ في كل مرحلة عمرية يصبح مكلفا باشياء تهيئه لمرحلة البلوغ، والوالدين مسؤوليتهم ان يأخذوا بزمام المبادرة من لحظة من الميلاد، ويكرر من الخطأ ان تدخله في المسؤولية فجأة


وما تحدث عنه د.عبدلله دقيق جدا الذي يحدث اليوم هدر كبير من عمر الإنسان يكبر ويضطر الى تحمل مسئوليات تفوق طاقته احيانا ولا يعلم كيف يتعامل معها


فالحياة اليوم اختلفت كثيرا عن الحياة فيما مضى والانسان الذي يعيش في المدينة مثلا يختلف عن الانسان الذي يعيش في البادية بسبب طريقة المعيشة والظروف البيئية المختلفة ولكن من المهم كذلك معرفة ان هذا الانسان مكلف ويجب ان يتحمل مسؤوليات مختلفة باختلاف مراحله العمرية ، من اجل تكوين رؤية لحياته المستقبلية 


فالعالم الذي نعيش به اليوم متغير بشكل كبير وعلى قدر هذا التغيير المستمر يحتاج الانسان ان يكون مسلحا بأبسط الادوات من اجل مواجهة اي عقبات يتعرض لها


نماذج عن تحمل مسؤوليات مبكرة


من الامور التي لفتت نظري في الأردن, هو كمية الطلاب العاملين اثناء دراستهم الجامعية، لم نتعود على مثل هذا في العراق، اذ يكبر الانسان وينهي الجامعة و تبدأ لاحقا مسؤولياته في العمل اما قبل ذلك لا يعرف ايا من هذا ، واتحدث هنا على جزء كبير وليس الجميع ويعود سبب واحد لهذا وهو المردود المادي الجيد الذي يحصله رب الاسرة الذي تمكنه من اعالة افراد عائلته اضافة الى انخفاض اسعار السوق نسبيا ، موفرة مواد المعيشية الاساسية عند معظم الاسر واضف الى ذلك بأن الاغلبية يعيش في بيوت يمتلكها اصحابها


بينما في الكثير من الدول المجاورة المردود المادي قليل وارتفاع كبير في اسعار المواد اضافة الى دفع سكني شهري، مما دفع الكثير من افراد الاسرة الى العمل لتوفير احتياجاتهم الشخصية 


وبالرغم من الوضع المادي المنخفض الذي دفعهم للعمل ولكن مهم وضروري للمقتدر وغير المقتدر ممارسة اعمال مختلفة اثناء الدراسة, فالذي ليس لديه مسؤولية او فكرة او مشروع يقوم به سيقع حتما في براثن العالم الجديد



مسألة الزواج


تختلف الاراء في الحديث عن ما هو العمر المناسب للزواج ويطلق على من يتزوج في عمر الثامنة عشر ب قاصرا في اشارة عن الزواج المبكر في هذا العمر


قد يكون الانسان غير مناسب للزواج ولكن ليس قاصرا او طفلا ، ومن غير الممكن وضع مقياس واحد لكل الشباب والبنات في هذا العمر، فالبعض قد يكون 16 بعقلية ناضج وقد يكون عمر 22 وكأنه لم ينضج بعد ، و إدعاء انهم "قصر" لا يمكنهم الزواج .. نعم هو سن في رأيي صغير جدا للزواج على ما تحمله منظومة الزواج من مسؤوليات ونضج في التعامل وامور كثيرة يجب ان يتعلمها الانسان الشاب قبل الزواج 


وبسبب ما يرافق هذه المرحلة من تشتت ذهني واحتياج الفتى او الفتاة خوض وتجارب عدة لصقل شخصيته ونفسه ليستقر ذهنيا وعاطفيا ، ولكن لا يقاس على الجميع ، فهنالك قصص نجحت زيجاتهم في عمر ال18  وال19 وقصص لم تنجح وطبعا الحديث كله في نطاق عدم الجبر سواء للفتاة او الشاب 


ولكن تعودنا نسخ ولصق من الغرب ‏من صحفهم الى منطقتنا ، حيث وثقت حالات موجودة فعلا  والبعض الآخر ضخمت وهولت وحورت قصتها لتلائم ما ينادون به


ولكن من غير الممكن ولا المنطقي اسقاط تجربة بلد على بلد اخر و أخذ مبادئ يؤمن بها غيرنا وإسقاطها كما هي على مجتمعاتنا, فالمنطقة تختلف والشعب يختلف والتاريخ مختلف

Post a Comment

0 Comments