Advertisement

Main Ad

اندرو تيت وإزدواجية الاعلام الغربي

 

Photo by noah boscher from unsplash


انشغل الإعلام الغربي خلال الأشهر الماضية بقضية أندرو تيت الملاكم البريطاني الأمريكي والشخصية الأشهر على مواقع التواصل على خلفية اتهامه بالاتجار بالبشر وتشكيل وحدة جريمة منظمة التي اوقف على اثرها، الأمر الذي انكره شخصيا، وسرعان ما انتشر خبر اتهامه الصفحات الاولى للصحف الغربية مؤكدين الاتهامات الموجهة له، فيما كرست بعض المؤسسات زاوية للحديث عن الموضوع كالبي بي سي التي كرست جهودها في محاولة لتلفيق اتهامات لا أساس لها من الصحة 


وفي احدى التقارير نشرت مقابلة مكتوبة مع فتاة تدعي ان اندرو تيت اعتدى عليها ولكن أي قارئ فطن ليس لديه أي فكرة عن الموضوع سيندهش من عدم احتواء المقابلة على اي دليل واضح يدين تيت مدركاً بأنها مجرد عبارات فارغة، ولم تكتفي بذلك بل أجرت مقابلة معه مؤخرا بعد خروجه من السجن في منزله تسأله شتى الاسئلة الركيكة محاولة تلفيق تهمة له، في مقابلة يمكن وصفها بعدم المهنية في طرح الأسئلة


مؤسسة كبيرة كالبي بي سي لم تكلف نفسها في إجراء بحث صحفي كافي يلائم كبر هذه المؤسسة، او حتى ان تلتزم بالأسس الصحفية البدائية في الحديث عن أي قضية


 لكن ليس غريبا على الإعلام الغربي أن يكون منحازا لقضاياه ، حيث فجرت الديلي ميل فضيحة جنسية تتعلق بالمتاجرة بالدعارة وغسيل الاموال لابن الرئيس الامريكي هنتر بايدن, وفي فضيحة مدوية أخرى لمقدم البرامج الشهير فيليب سكوفيلد تم الكشف قبل ايام أن فيليب كان على علاقة مع موظف شاب في برنامج هذا الصباح ، وورد أن فيليب التقى به عندما كان الموظف يبلغ من العمر 15 عامًا فقط


القضية ترقى الى ان تكون جريمة اغتصاب واستغلال، لكن الإعلام الغربي قرر تغطيتها بشكل هزلي ركيك لا يرقى للفضيحة وتحول الخطاب الى خطاب تعاطفي بسبب تصريحاته لاحقا، و ليست هذه المرة الأولى أن تغطى قضايا خطيرة بهذا الشكل، على مدى سنوات انتشرت قضايا تحرش واغتصاب في البرامج الصباحية لوجوه معروفة ولكن قوبل الأمر بتغطية هزيلة


معايير مزدوجة


إذ لم ينفك الإعلام الغربي منذ زمن في تسليط الضوء على قضايا الوطن العربي واتهامنا بالتخلف والرجعية، ولم يلتفت لقضاياه الحافلة بالفضائح، بل تغاضى عنها تماما وغطاها في بعض الأحيان بأخبار هزيلة 


نشرت مؤخرا قضية هزت المجتمع البريطاني في كاردف عن الشاب غارفي البالغ من العمر 21 الذي قتل والده طعنا مسددا له 17 طعنة في انحاء جسده أردته قتيلا على اثرها، غارفي كان يعاني من مشاكل نفسية صحية وقبل الحادث اتجهت الاسرة مرارا لطلب المساعدة من المراكز الصحية ولكن المساعدة لم ترقى للمستوى المطلوب


في المقابل انتزعت سوسيال الحكومة السويدية قسراً العديد من الأطفال من عائلاتهم وخصوصا المسلمة دون تقديم مبرر مقبول ولا منطقي في ادعاءات سخيفة وباطلة، بسبب القانون السويدي المتعلق برعاية القصر (تحت 18 عاما)، ووثقت حالات عدة في انتقال الطفل لعوائل من ديانات اخرى او بدون ديانة وعوائل تضم "ازواج شواذ" ليعيد تأهيل عقلية الطفل بالكامل في انتهاك صريح وواضح لكل المعايير الإنسانية والدولية 


وفي الحالتين كيف تعامل الإعلام الغربي مع ذلك ؟ بالطبع بشكل انحيازي تماماً 


حيث جاء في أحد العناوين لبي بي سي "ما حقيقة "انتزاع" أطفال مهاجرين عرب من عائلاتهم في السويد؟ ، واجرت مقابلة مع حالة فردية في التقرير لإعطاء الحق للسوسيال السويدي في انتزاع الأطفال من عوائلهم، وهذه الانحيازية الصارخة تظهر في مواقف عدة 


في حين تحاول وسائل الإعلام الغربية بشكل متكرر تقديم نهجاً واحدا لدول الشرق وأفريقيا و تصويرها بانها مجتمعات بدائية يجب أن ترتقي للوصول لمستوانا الفكري والديمقراطي، محاولة فرض فكر معين في حين تدعي بحرية الرأي 


مستخدمة مصطلحات مخادعة، فمثلا عند حصول حدث اطلاق نار على عشرات الاطفال في مدرسة ابتدائية في امريكا من قبل شخص امريكي ابيض يوصف بأنه هجوم منفرد لشخص يحمل امراضا نفسية بسبب طفولته القاسية، ولكن حصول هجوم من قبل رجل شرقي او اسيوي مسلم في مكان عام وقتل العشرات كذلك على انه هجوم ارهابي منظم من قبل جماعات ارهابية 


ارتداء المرأة للحجاب في الأماكن العامة وممارسة الشعائر الدينية بحرية على أنه انتهاك لحرية باقي الأديان ومحاولة فرض مظاهر دينية معينة، لكن الترويج المستمر لمسألة الشواذ ومحاولة تطبيعه لجميع الفئات وخصوصاً للاطفال هو جزء من حرية التعبير والعالم الديمقراطي الحداثي الذي نعيش به


الخطير في هذا الأخير هو الانتهاك الصارخ لحقوق الطفل ومحاولة فرضه بشكل علني من اجل تحويل ميول الطفل الجنسية ، حيث أثارت الجدل على مواقع التواصل عائلة سكوني جوليز البريطانية- الايرلندية المشهورة التي توثق يومياتها على على اليوتوب في تحول ابنهم البالغ من العمر 9 سنوات إلى فتاة، لم يكونوا فقط سعيدين بهذا "الانجاز العظيم" ولكن فخورين به بسبب "شجاعته" في اختيار ميوله


وانهالت عليهم التعليقات من يتفق مع الشواذ ومن لا يتفق بأن ما يفعلونه غير إنساني وليس من حقهم اختيار عن طفلهم ميوله بسن مبكرة ولم يختبر الحياة جيداً


ومؤخرا وثقت امريكية فيديو تعبر فيه عن غضبها من عرض ملابس للشواذ في قسم ملابس الاطفال وبعضها مصممة للأطفال في سن الواحدة فقط ، في سلسلة محلات تارغت الشهيرة


وادت تغريدات عديدة مقاطعة محلات السلسلة الشهيرة إلى خسارة الشركة 14 مليار دولار خلال ايام قليلة


في حين لم يسمع للإعلام اي صدى يذكر في تغطية المواضيع العديدة التي أثارت الرأي العام


ففي الواقع لا يمكن اعتبار أن وسائل الإعلام الغربية أحادية، إذ تسعى أجندتها إيصال نمط حياة معينة و أفكار معينة تحملها معها من خلال تفضيل قضايا وتغطية أخرى لمصالحها السياسية والشخصية ، وتميل التغطية الإعلامية للكوارث في بلدان أخرى إلى فرض صور نمطية ثقافية وانتهاكات الخصوصية والكرامة والمهاجمة المستمرة التي لن يتم قبولها في الغرب، وتفعل هذا باحترافية شديدة


 اجتاحت منذ أشهر في عموم فرنسا مظاهرات واسعة وتوقفت رحلات الطيران على اثرها رفضا لتمديد سن التقاعد من 62 الى 64 الذي اصر عليه الرئيس الفرنسي ماكرون وحكومته ورفضته المعارضة مقدمة اقتراحات بديلة ولكن الحكومة استخدمت سلطتها الدستورية الخاصة لتمرير القانون دون تصويت البرلمان 


وعلى الرغم من أن مشروع القانون المثير للجدل أدخل البلاد في أزمة ، فإن وسائل الإعلام الفرنسية والغربية تغاضت عمَّا يحصل في فرنسا من قمع واعتقالات من الشرطة للمتظاهرين، ولن تحد أي خبر ذي صلة بالأحداث التي يجب أن تشغل العالم في أكثر الدول تغنياً بالحريات والحقوق.


اكاد تخيل عناوين الخبر في الصحف المعروفة كالبي بي سي والغارديان ونيويورك تايمز والخ لو ان هذا الحدث نفسه حصل في دول غير دولها، من المؤكد أنها تتصدر الصفحات الاولى وستقيم حملة واسعة متغنية بحقوق الإنسان والديمقراطية 


وعند الحديث عن الازدواجية في الإعلام الغربي يجب الحديث عن تخاذل الإعلام العربي في تسليط الضوء على الكثير من القضايا ، والعتب كل العتب على اعلامنا الذي لا يزال يراوح مكانه ولم يتعلم كيفية مجابهة النار بالنار بل تحولت بعض المؤسسات بوقا للإعلام الغربي ومؤكداً روايته 


Post a Comment

0 Comments